سابعاً: سكوت العلماء وكتم العلم،من أسباب انتشار البدع والفساد بين الناس، قال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِك َيَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ الَّلاعِنُونَ، إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْوَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 159-160]، وقال عز وجل: {إِنَّالَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَوَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 174]..
وقال سبحانه وتعالى: {وَإِذَ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران: 187]، وقد أوجب الله على طائفة من الأمة الدعوة إلى الله عز وجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال سبحانه وتعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104]، وعن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ”من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان“، وهذا الحديث يبين أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على كل أحدٍ على حسب هذه الدرجات.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ”ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حورايُّون وأصحاب، يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لايفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهومؤمن، ومن جاهدهم بقلبهم فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبَّةُخردل“.
وعن أبي هريرة رضيالله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”من سُئِلَ عن علم يعلمُهُ فكتمه ألجِمَ يوم القيامة بلجامٍ من نار“.
ثامناً: التشبه بالكفاروتقليدهم من أعظم ما يحدث البدع بين المسلمين، ومما يدل على ذلكحديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّمإلى حنين، ونحن حديثو عهدٍ بكفر، وكانوا أسلموا يوم الفتح، قال: فمررنا بشجرة فقلنايا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط؟ وكان للكفار سدرة يعكفونحولها، ويعلقون بها أسلحتهم يدعونها ذات أنواط، فلما قلنا ذلك للنبي صلّى الله عليهوسلّم قال: ”الله أكبر وقلتم، والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: 138]، لتركبن سنن من كان قبلكم“..
وهذا الحديث فيه دلالة واضحة على أن التشبه بالكفارهو الذي حمل بني إسرائيل على أن يطلبوا هذا الطلب القبيح، وهو الذي حمل أصحاب النبي محمدصلّى الله عليه وسلّم على أن يسألوه أن يجعل لهم شجرة يتبركون بها من دون الله عزوجل، وهكذا غالب الناس من المسلمين قلدوا الكفار في عمل البدع والشركيات، كأعيادالمواليد، وبدع الجنازئز، والبناء على القبور، ولا شك أن اتباع السَّنَن باب منأبواب الأهواء، والبدع .
ويزيد ذلك وضوحاً حديث أبيسعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ”لَتتَّبِعُنَّ سَنَنَ من كان قبلكم: شِبراً بشبرٍ، وذراعاً بذراعٍ،حتى لو دخلوا في جحر ضبٍّ لاتبعتموهم“ قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟قال: ”فمن“؟، قال الإمام النووي رحمه الله: "السَّنَن،بفتح السين والنون: وهو الطريق، والمراد بالشبر، والذراع، وجحر الضب: التمثيل بشدةالموافقة في المعاصي والمخالفات، لا في الكفر، وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله صلّىالله عليه وسلّم، فقد وقع ما أخبر به صلّى الله عليه وسلّم".
فظهر أن الشبر،والذراع، والطريق، ودخول الجحر تمثيل للإقتداء بهم في كل شيء مما نهى عنه وذمه، وقدحذر النبي صلّى الله عليه وسلّم عن التشبه بغير أهل الإسلام فقال: ”بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعلرزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلُّ والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهومنهم“.
تاسعاً: الاعتماد على الأحاديث الضعيفةوالموضوعة،من الأسباب التي تؤدي إلىالبدع وانتشارها؛ فإن كثيراً من أهل البدع اعتمدوا على الأحاديث الواهية الضعيفة،والمكذوبة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والتي لا يقبلها أهل صناعة الحديثفي البناء عليها، وردوا الأحاديث الصحيحة التي تخالف ما هم عليه من البدع، فوقعوابذلك في المهالك والعطب، والخسارة، ولا حول ولا قوة إلابالله.
عاشراً: الغلو أعظم أسباب انتشارالبدع،وظهورها، وهو سبب شرك البشر؛لأن الناس بعد آدم عليه الصلاة والسلام كانوا على التوحيد عشرة قرون، وبعد ذلك تعلقالناس بالصالحين، وغلوا فيهم حتى عبدوهم من دون الله عز وجل؛ فأرسل الله تعالىنوحاً صلّى الله عليه وسلّم يدعو إلى التوحيد، ثم تتابع الرسل عليهم الصلاةوالسلام.
والغلو يكون: في الأشخاص، كتقديس الأئمة والأولياء، ورفعهمفوق منازلهم، ويصل ذلك في النهاية إلى عبادتهم، ويكون الغلو في الدين، وذلكبالزيادة على ما شرعه الله، أو التشدد والتكفير بغير حق، والغلو في الحقيقة: هومجاوزة الحد في الاعتقادات والأعمال، وذلك بأن يزاد في حمد الشيء، أو يزاد في ذمهعلى ما يستحق، وقد حذر الله عن الغلو فقال عز وجل لأهل الكتاب: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ} [النساء: 171] .
وحذر النبي صلّى الله عليه وسلّم من الغلو في الدين،فعن ابنعباس رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ”إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين“، فظهر أن الغلو في الدين من أعظم أسباب الشرك، والبدع، والأهواء؛ولخطر الغلو في الدين حذر النبي صلّى الله عليه وسلّم عن الإطراء فقال: ”لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله“.
شرِكونا في الأجر.. ولا تنسونا من دعائكم ،،
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد واّله وصحبه أجمعين
اللهم إنا نتوسل إليك بك ونقسم عليك بذاتك
أن ترحم وتغفروتفرج كرب معدها وقارئها ومرسلها وناشرها
وآبائهم وأمهاتهم وأن ترزقنا صحبة النبى فى الجنة ولا تجعل منا
طالب حاجه الآ أعطيته أياها فأنك ولى ذلك والقادر عليه وصلى
اللهم وسلم على حبيبك ونبيك محمد
أمين....